- ندوات
#ffd3dd
جمعت إشكالية تكامل النص والصورة في الكتابة الطفل، رسامين وكتابا مغاربة في ندوة تحت عنوان “الكتابة بالألوان والرسم بالكلمات: لقاء الكاتب والرسام”، ضمن فعاليات المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب، يوم الثلاثاء 21 نونبر 2023.
الندوة خصصت لمناقشة العلاقة بين الصورة والنص المكتوب، والحدود الممكنة لتدخل الرسام في النص وتدخل الكاتب في الرسومات. وشارك في هذا اللقاء كل من الكاتبة كريمة دلياس، والرسام عزيز سيد، والكاتب زهير قاسيمي، والرسام عبد الله درقاوي، مع تولي الناقد والشاعر عمر العسري مهمة التسيير.
خيال الرسام
“الرسم للطفل لا يقتصر على رسم الأشكال فقط، بل يتعلق الأمر بكيفية توظيف الألوان واستخراج صورة جمالية للتعبير عن القصة المكتوبة”، هكذا افتتحت الكاتبة المغربية كريمة دلياس مداخلتها، مثيرة ثلاثة عناصر مهمة في الكتابة بالألوان والرسم بالكلمات. أول تلك العناصر يهم الطفل وعلاقته بالكتاب، انطلاقا من عنوان وغلاف الكاتب ودوره في جذب القارئ، بحيث تثير هذه العلاقة المشتركة بينهما انتباه الطفل وتحفزه على استكشاف ما وراء الحكاية، “فكل طفل لديه ميول لشخصيات معينة، و رؤيته لتلك الألوان والأشكال تجعل أسئلة جوهرية حول الكتاب تتبادر إلى ذهنه”.
أما العنصر الثاني، فيتعلق، حسب دلياس، بالجانب الإبداعي، وهو مجموعة من المواقف والأحداث التي شاهدها الكاتب في الطفولة، انطلاقا من خياله ومن ذكرياته. فيما يبحث العنصر الثالث في العلاقة بين الكاتب والرسام، والتي تتطلب اشتغالهما معا من أجل إخراج مشاهد منسجمة تربط بين النص والصورة، وبالتالي إخراج قصة متكاملة.
من جهته الرسام المغربي عزيز سيد، تحدث عن دور الرسام في نقل التعبير الجمالي في كتب الأطفال، قائلا: “دور الرسام لا يقتصر فقط على الرسم وإنما يتجاوز ذلك في تشكيل واختيار الألوان المناسبة للنص في صيغة جمالية وفنية “. مشيرا إلى أن خيال الرسام مهم لالتقاط الصور الكامنة وراء مقاطع القصة.
الرسام والكاتب.. تأثير متبادل
في تفاعل المقروء والمُشاهَد، والتفكير في التاريخ والرموز، يقول الكاتب زهير القاسمي: “يتخيل الكاتب ما يكتب والرسام يرسم ما يتخيل الكاتب”. فالكتابة للطفل هي جنس خالص يتأسس على قواعد جمالية وإبداعية سواء في الكتابة أو الرسم، وتتميز بأسلوب سهل وشيق تتدفق داخله الأفكار بشكل انسيابي، مع وجود روح المرح داخل القصة، وضرورة تزويدها بالقيم النبيلة.
ويضيف القاسمي، أنه على الرغم من أن الكاتب للطفل راشد، “إلا أن الكتابة له تستدي رجوع الكاتب للطفل الذي كانه، ومن أراد أن يكتب للطفل عليه أن يكون طفلا”، من خلال ذكريات الطفولة والخيال.
ومن خصائص إنتاج الكتب للأطفال يوضح المتدخل أنه “لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون خاليا من رسومات وصور تغني خياله في عوالم الإبداع وتجعله يبدع أيضا”. وفي الكتابة أيضا وجب على الكاتب استخدام مفردات يحبها الطفل لتقريبه للكتاب منه، والاشتغال على جذبه بألوان تعبر عن الكلمات المكتوبة في النص: “فالكاتب المهتم بالكتابة للأطفال يرسم بالكلمات عالم جميلا”.
دور الجمالية
عن تحقيق الانسجام بين الفرشاة والنصوص في تجربة الفنان التشكيلي ورسام الكاريكاتير عبد الله درقاوي، فإن نجاح القصة الموجهة للطفل يكمن في تحقيقها للمتعة الجمالية في نفسية الطفل بما تتضمنه من رسومات وصور وتصاميم تغري الطفل حسيا وبصريا بالمتابعة، فالإخراج الفني يلعب دورا كبيرا في جذب القارئ وتنمية خياله وأحاسيسه الجمالية.
كما أضاف أن الألوان من العناصر الفنية التي تشوق الطفل وتثيره وتجسد ما يقوله النص، فإذا كان الرسام موفقا في رسوماته واختيار الألوان فإن ذلك يؤثر على النص تأثيرا إيجابيا”، فالرسام يحول النص القصصي إلى عالم من الخيال ومعاني النص إلى لوحات فنية تتناسب مع قدرات الأطفال على استخدام أبصارهم وحواسهم من أجل استيعاب القصة، وتجسيد الشخصيات في الأزياء وتعابير الوجه وحركات الجسد والأماكن والطبيعة.
- ربورتاج
#f6ff00
رفوف فارغة، وأكياس تضم ما تبقى من الكتب والقصص، ووجوه يملؤها الفرح والسعادة، هكذا تبدو الأجواء مساء يوم الأربعاء 22 نونبر 2023، بفضاء المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب، الذي نظم في مدينة الدار البيضاء.
هي تفاصيل ما قبل نهاية فعاليات المعرض الذي افتتح أبوابه قبل أسبوع، ليسجل نفسه حدثا ثقافيا استثنائيا، هدفه تشجيع الشباب والأطفال على القراءة وتوفير فرصة لتطوير أدب الطفل من خلال الاطلاع على مختلف التجارب الثقافية لدول مختلفة.
عند البوابة الرئيسية للمعرض، بدأت حركة خروج الأطفال والزوار بأياد تثقلها الكتب، ووجوه تعلوها علامات الرضا عن الفعاليات والورشات المقدمة في المعرض. يقول أحمد، وهو طفل في سن الثانية عشرة من العمر: “أنا جد مسرور بزيارتي للمعرض، شاركت في ورشة الرسم وصناعة الدمى واقتنيت العديد من القصص لي ولأخي”، وبجانب أحمد العديد من الأطفال والشباب الذين يأملون تكرار التجربة وعيونهم لا تكاد تفارق المعرض.
في قلب الجلبة الناجمة عن كثافة الحضور، تباع آخر الكتب المتبقية في الرفوف. يروي إبراهيم، وهو عارض كتب داخل فضاء المعرض، عن استنفاد الكتب داخل رواقه ويقول بفخر: “كان الإقبال كبيرا على قصص الأطفال كقصص جحا والأنبياء…وبخصوص المبيعات فقد حققت المتوقع خاصة في اليومين الأخيرين”. وفي الجوار عارض آخر، يشيد بمبادرة تنظيم المعرض ويأمل تنظيمها في مناسبات أخرى مشابهة.
داخل فضاء الورشات، بقايا الألوان والصباغة فوق طاولات الأطفال، وصور أعمالهم معلقة على جدران الرواق كبصمة تشهد على مرورهم بها. منظمون يؤكدون نجاح هذه النسخة بتحقيقها لكل الأهداف: “الأجواء مرت بسلام والأطفال كانوا جد مسرورين بالأنشطة”، هكذا عبرت سمية، منظمة ورشات “تعبيرات فنية وألعاب”، وهو فضــاء خصص للتعبيــر الإبداعي، وقدم العديد مــن الأنشطة الــي أتاحت للمشاركين فرصة للاستكشاف وتحفيـــز الخيال والاحتفـــاء بالفـــن بجميــع أشـــكاله، مع السماح للمشاركين بالتعبير عن أنفسهم والإبـــداع.
داخل الفضاء الرقمي، حيث التقى الأطفال بالمعرفة والتكنولوجيا والتجارب الرقمية الاستثنائية، واجتمع عشاق التكنولوجيا ومحبو الألعاب الإلكترونية داخل جو مفعم بالترفيه والتثقيف، بالإضافة إلى “ماستر كلاس” الذي قَدم دروسا متنوعة في مجال التكنولوجيا و التصميم الغرافيكي والألعاب التعليمية والرياضة الإلكترونية وغيرها من الورشات.
أبدت نهيلة، وهي مؤطرة، استحسانها لهذه النسخة التي اعتبرتها استثنائية، وطبعت ردود فعل إيجابية من طرف الزوار: “لاحظت أن المعرض خلف ارتسامات جيدة عند الأطفال والشباب، حيث برز اهتمام كبير بالألعاب الإلكترونية، و إقبال جيد على الماستر كلاس من طرف الشباب… وهذه أول مرة يتم إدراج فضاء خاص بالألعاب الإلكترونية في أحد المعارض الخاصة بالكتاب، خاصة في وجود ألعاب تربوية تعمل على ترسيخ قيم نبيلة”.
“الأطفال استمتعوا بالورشات… وخرجوا بفكرة حول الشخصيات المصورة والزمن والمكان”، تقول بدورها المؤطرة أمنية في رواق “إبداع بالقصص المصورة”، مشيدة بالإقبال الكبير الذي شهده الفضاء منذ بداية المعرض، حيث كانت تنظم على مدار الساعة ورشات مختلفة ومتنوعة للأطفال، كورشة قصة الجيب المصورة وورشة الرسم السردي وورشة تصميم شخصيات باستخدام قطع ورقية، وورشة الجمع بين الكلمة والصورة وغيرها من الورشات التي سمحت للأطفال بالانغماس بعمق في الفن المصور والتعبير عن قصص حقيقة في رسومات إبداعية.
- ربورتاج
#f6ff00
“اللغة الاسبانية والمغاربة”
خصنا رواق المركز الثقافي الاسباني بالمغرب، بتوضيحات شامل حول مشاركته في فعاليات هذا المعرض الأول من نوعه. “نقدم مجموعة من الكتب للعرض، قصد التعريف باللغة الاسبانية، التي أضحت تعتبر لغة ثانية لدى العديد من المدارس، فضلا عن تقديم الامكانية التي نتوفر عليها بالمركز، من أجل الاستفادة من دروس تعلم اللغة، بالنسبة للأطفال والشباب”، يقول المشرف على الرواق، مضيفا أن الغاية من وجودهم في المعرض، هي التعريف باللغة الاسبانية، خاصة لدى الأطفال في سن بين 9 سنوات الى غاية 15 سنة.
وبالنسبة للفرق بين المعرض الدولي للنشر والكتاب، والمعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب، يرى المسؤول عن رواق المركز الثقافي الاسباني، أنه يتمثل في الاقتصار على تقديم ما يهم الفئة العمرية تحديداَ، حيث لا يتم التعامل مع الباحثين الأكاديميين كما كان الحال في باقي الدورات، ليشير إلى أن اهتمام الأطفال واليافعين بالثقافة الاسبانية لطالما دفعت المركز الثقافي الاسباني إلى تخصيص له حيزاَ مهماَ من جناحهم في الدورات السابقة.
إنتاجات أدبية برتغالية
قال نونو غابريل كابرال، مستشار بالسفارة البرتغالية ومسؤول الرواق البرتغالي بالمعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب، إن رواق بلاده يمثل أدب الطفل في البرتغال بشكل كامل، مضيفا: “لقد تشرفت بالمشاركة في المعرض كمسؤول عن تنظيم رواق البرتغال، كما أنني أشكر وزارة الثقافة المغربية لتوجيه الدعوة إلينا، وتقديم كل التسهيلات الممكنة من أجل إنجاح مشاركتنا. وبالنسبة لرواقنا فهو متكامل من نواحي متعددة، إذ يقدم مجموعة من أشهر الكتاب البرتغاليين، فضلا عن الشباب أصحاب التجارب الأولى، لتشجيعهم وتعريف القراء المغاربة عليهم”.
وبحسب كابرال، فإن النشر للأطفال في البرتغال هو سوق منتعشة تحوز على الاهتمام، “وكل ما نعرضه اليوم في المعرض هو باللغة البرتغالية، لكتاب وناشرين برتغاليين، لدينا كذلك رسومات تعبر عن الفن المعاصر للبلد، تحت مسمى piece de resistance، لصاحبها أندري كاخيلو، الذي تحضر أعماله وكتبه كذلك هنا كذلك”.
وعن سؤال حاجز اللغة، يرى غابرييل كاربال أن الهدف من هذه المشاركة هو التعرف على الجمهور المغربي والحديث معهم، وتقريبهم من الأدب البرتغالي، بغض النظر عن لغاتهم، سواء العربية الأمازيغية أو الفرنسية، مؤكدا أن المغاربة سيختارون لغتهم “وسنحاول تكييف ما نعرضه من إصدارات وكتب في المستقبل على هذا الأساس، كما أن الهدف الرئيسي من هذه المشاركة اليوم هو أن نتقرب من الجماهير المغاربة، كما نود تعزيز الفرص المهنية والشراكات بين الناشرين المغاربة والبرتغاليين وكذلك الكتاب، ونحن سنكون سعداء بتسهيل هذه الأمور على المستوى الذي نشتغل عليه”.
وأشار المتحدث نفسه إلى أن بعض الخطوات قد تمت مسبقا، “وأنا سعيد بكون أن كل المقاعد المتاحة لتعلم اللغة البرتغالية في المركز الثقافي البرتغالي، المتواجد بالرباط، قد تم ملؤها، هذا الأمر يعكس مدى الفضول المعرفي تجاه الثقافة واللغة البرتغالية”. وعن مشاركة البرتغال، أضاف نونو كابرييل كابرال إلى أن هذه أول مرة يتم تواجد المركز الثقافي البرتغالي، بالمعرض الدولي لكتاب الطفال والشاب بالمغرب.
“بالنسبة لي فكرة تخصيص معرض للكتاب خاص بالأطفال فكرة رائعة وفي غاية الأهمية، ولم نتردد للحظة عندما توصلنا بالدعوة إلى المشاركة في المعرض، كما أن الظروف التي قدمت لنا سهلت الكثير من العمل ونحن سعداء ان نكون طرفاَ في هذا المعرض”.
مشاركة افريقية وازنة
ترى مودجيبات داودا كودجو، مديرة دار نشر “تيمينيس”، أن هذه النسخة الأولى للمعرض شهدت مشاركة مجموعة من الدول الافريقية، وهي بوريكناو فاصو، طوغو، النيجر، سينيغال، ساحل العاج، المزنبيق، مدغشقر،غانا، الكاميرون و أخيرا الغابون. “اللغات التي تم عرض المؤلفات بها هي الفرنسية الإنجليزية واللغات المحلية لبلداننا الافريقية، كما هنالك تواجد العربية والأمازيغية، لأنها موجوة في النيجر”.
وتضيف المتحدثة أن المعرض كان مهما ويقدم ورشات منوعة، “كما أنه منحنا نحن الناشرين، فرصة الاطلاع على ما ينشر في المغرب وفي دول أخرى، لأنها كانت فرصة للقاء عارضين من دول أجنبية، حيث هنالك فرصة لاكتشاف المناهج المدرسية الموجهة للأطفال وكذلك إصدارات أدب الطفل، فضلا عن لقاء مجموعة من الرسامين وفناني القصص المصورة”.
كولومبيا تطمح لمشاركة دائمة
بالنسبة لدولة كولومبيا، فقد شهد المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب، مشاركتها برواق خاص، قدم باقة من الأعمال الفنية، ونماذج لما يزخر به موروثها الثقافي من صناعة أدبية موجهة للأطفال. وبحسب فرانسيسكو طوريس مونيز، قنصل كولومبيا في المغرب، فقد تم تقديم رواق يعرض أهم ما يحوزه الأدب الكولومبي الموجه للطفل، فضلا عن مشاركة الكاتبة الكولومبية لورياريا ديلاكويستا. “طوال الأسبوع استقبلنا العديد من الزوار، من بينهم دور النشر وكتاب وأطفال ويافعون مغاربة، والذين عبروا عن اهتمامهم بالأدب الكولومبي، وكذلك اللغة الاسبانية.” أضاف المتحدث نفسه.
ويرى طوريس ميونز، أ،أن الرواق الكولومبي حقق أهدافا مهمة عبر الكتب الذي تم تقديمها، والتي تتمحور حول مجموعة من القضايا كالبيئة، وتحث الشباب على الاهتمام بهذا المجال، وهي القضايا التي تركز عليها سفارة كولومبيا بالمغرب.
وأردف المتحدث نفسه: “لقد شاركنا في فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب، في رواق أمريكا اللاتينية، ونود أن نستمر في المشاركة في هذا النوع من الفعاليات، كما نبارك لوزارة الثقافة على نجاح النسخة الأولى لهذا المعرض، ونشجع على الفكرة التي نعتبرها مبادرة جديدة ومهمة، لأنها تشجع الشباب واليافعين على الاهتمام بالقراءة وتقربهم من الكتب، لأنها تفتح لهم أفاق جديدة تفوق الحدود الجغرافية والثقافية”.
والوني بروكسيل.. ندوات وورشات
كانت مشاركة والوني بروكسيل بالمعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب وازنة على مستوى الورشات واللقاءات التي تم تقديمها، خاصة تلك المقدمة للأطفال واليافعين. وبحسب المندوبة العامة لوالوني-بروكسيل بالمغرب، السيدة شيراز الفاسي، فقد عبرت عن سعادتها لاستقبال وقبول دعوة وزارة الثقافة المغربية للمشاركة في فعاليات النسخة الأولى من المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب، وكذا الأصداء الايجابية التي خلفتها المشاركة في فعاليات هذا المعرض.
على صعيد اخر، عبرت السيدة شيراز الفاسي، ل”يوميات المعرض”، عن كون الارتسامات حول مشاركة والوني بروكسيل إيجابية إلى حد كبير، “كنا ممثلين بواسط ثمانية من الكتاب والرسامين الذين يوجهون أعمالهم إلى الأطفال، وجمعية الناشرين البلجيكية التي كانت حاضرة كذلك في هذا المعرض، وانتقالهم إلى المغرب والبقاء هنا لأيام يعكس مدى اهتمامهم بعالم الأدب الفرنكوفوني، والعمل إلى جانب الناشرين المغاربة”
وأضافت المتحدثة: “بالنسبة للأطفال، فقد عبروا عن اهتمامهم برواقنا، والأعمال المعروضة من رسومات وكتب للأطفال، فضلا عن الورشات واللقاءات التي نظمناها بحضور كتاب وفناني قصص مصورة، كانوا متحمسين ونشطين، لقد كانت فعلا لحظات مليئة بالسعادة، تلك التي تقاسمناها إلى جانبهم.
- ورشات
#c8ffad
احتضن المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب، ورشة حول المسرح الحواري، لفائدة مجموعة من الأطفال على مدار يومين متتابعين، 21 و22 نونبر، أطرها الفنان إلياس العامل، وهو خريج المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، الذي يرى أن المسرح الحواري، مفيد للأطفال بشكل خاص، لأنه يقوم بتلقينهم مجموعة من المهارات والمعلومات، التي تهمهم في حياتهم اليومية.
بالنسبة لهذا النوع من المسرح، يقول العامل إنه تقنية في المسرح، “تجعل الناس يناقشون ويرفعون من منسوب الوعي لديهم حول مواضيع مختلفة، بعد القيام بالتدريبات الأولية التي تساعدهم على الاسترخاء ليتعرفوا أكثر على بعضهم البعض، ونناقش إشكاليات اجتماعية كبرى، من قبيل التنمر والعنف المنزلي وغيرها من الظواهر التي يراها الأطفال ويعيشونها كل يوم، لكنهم لا يعرفون كيفية التعبير عنها، أو لا يفهمونها أساسا”. ويضيف الفنان المسرحي أن المسرح يساعدهم على الاقتراح والتعبير عن الأفكار والملاحظات حول المشكل المطروح، والتي اختار في ورشته أن تكون حول العنف المنزلي، والتنمر في الأوساط المدرسية”.
“نحاول أن نلعب مسرحيات تشخص ما جاء في الصور التي أعرضها على الأطفال، بمشاركة الأطفال أنفسهم، مما يجعلهم يحسون أن المشهد الذي أمامهم خاطئ ولا يجب التطبيع معه داخل مجتمعاتنا، فضلا عن أنني اكتشفت أن بعض الأطفال يحسون بالإحراج، لأنهم كانوا يقومون بمثل هذه التصرفات، فأعطيهم الساحة لاقتراح الحلول التي يرونها مناسبة”.
وعن النسخة الأولى من المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب، اعتبر إلياس العامل فكرة المعرض، رائعة و”خارج الصندوق”، ومبادرة مهمة يجب أن تستمر وتعمم في مدن أخرى، ليضيف: “كنت منذ بداية المعرض أتساءل هل سيحضر أطفال لملء كل الورشات المقترحة، لكنني ما لبثت أن انبهرت بعدد الأطفال الذين حضروا المعرض، واستفادوا من فعالياته، وهو أمر إيجابي، يعكس مدى اهتمامهم بالكتاب والقراءة”.
- استجواب
#c6c97c
خصّت السيدة لطيفة مفتقر، مديرة الكتاب والخزانات والمحفوظات في وزارة الشباب والثقافة والتواصل، “يوميات المعرض” بهذه المقابلة في اليوم الأخير من فعاليات المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب.
اعتبرت السيدة مفتقر أن حصيلة المعرض في دورته الأولى كانت إيجابية، نظرا للإقبال الكبير الذي عرفه منذ انطلاقه وإلى غاية اليوم الأخير. وأوضحت السيدة مديرة الكتاب والخزانات والمحفوظات، أن الدورة سجلت قرابة 84 ألف زائر ، وهو رقم يبرهن على نجاح الدورة.
س: تشرف الدورة الأولى من المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب على نهايتها، ما حصيلة هذه الدورة؟
ج: اسمح لي في البداية ان أتقدم بجزيل الشكر لطاقم المعهد العالي للإعلام والاتصال، الذي واكب المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب طيلة ثمانية أيام، على المجهودات القيمة التي قاموا بها، والمحتوي الجيد الذي قدموه، وهو متاح للجمهور على الموقع الالكتروني للمعرض. الكثير من الناس لا يعلمون أننا نتحصل منكم على حصيلة يومية تعرض على “يوميات المعرض” عبر الموقع، والذي يشتغل فيه فريق عمل وجنود خفاء وهم طلبة صحافيون وأستاذة ومؤطرين وخبراء في هذا المجال.
وجوابا على سؤالكم، فإن حصيلة المعرض في دورته الأولى كانت إيجابية. لقد فوجئنا كمنظمين للمعرض بالإقبال الكبير الذي عرفه المعرض منذ انطلاقه وإلى غاية اليوم الأخير، وقد سجلنا قرابة 84 ألف زائر للمعرض، وهذا رقم يبرهن أولا على نجاح الدورة التي شهدت جميع فضاءاتها وأروقها إقبالا مهما، سواء فضاءات بيع الكتب الخاصة بالناشرين، أو فضاءات الأنشطة الممثلة في الورشات وكذا الندوات.
كما لاحظتم كفريق عمل صحفي، وكما هو مبين في مقالاتكم المنشورة على موقعنا الرسمي، كان هنالك اهتمام ملحوظ بندوات وورشات المعرض، وهذا يدل على تعطش ورغبة الجمهور لمثل هذه التظاهرات الثقافية بالعاصمة الاقتصادية للمملكة، ما يقوي إرادتنا وعزيمتنا لنشتغل أكثر على النسخة الثانية، وكما قلت سابقا، سيترسخ هذا المعرض بمدينة الدار البيضاء، وفي هذا الفضاء الجميل (فضاء حديقة أنفا، توضيح من المحرر).
س: كيف كانت انطباعات العارضين الذين حضروا فعاليات المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب، سواء المغاربة أو الأجانب؟
ج: انطباعاتهم لحدود الساعة إيجابية، وإن شاء الله نتطلع لحضورهم بشكل قوي في النسخة القادمة. كان لي اليوم لقاء مع بعض الناشرين، وقد استنتجنا أن نسخة السنة المقبلة ستشهد توافد ناشرين آخرين.
الجدير بالذكر ان هذه النسخة عرفت في البداية تخوفا لأننا عندما بدأنا الحديث والتداول في فكرة إنشاء معرض دولي خاص بكتاب الطفل والشباب، وبدأنا نتواصل مع الناشرين في الفترة التي كنا فيها قد خرجنا للتو من تجربة معرض دولي للكتاب بمدينة الرباط، بكل صراحة لم يتحمس الناشرون للمشاركة في هذا المعرض، وقد حاولنا أن نقدم ورقة للعارضين نستعرض من خلالها خطوطه العريضة وأهم أهدافه، إضافة إلى طرق تنظيمه والمكان الذي سيحتضنه… أي أننا سوقنا شيئا ما للمعرض، وهذا تطلب منا مجهودا كبيرا، إلى ان استطعنا ولله الحمد ان يكون برفقتنا ثلاثة و ثلاثون بلدا ممثلا بدور نشر، وهذا الرقم سيرتفع إن شاء الله في السنة المقبلة.
بالتالي، التخوف الذي كان لدى بعض العارضين في البداية لم يعد له وجود الان، وذلك بفضل التفاعل الإيجابي الذي حصل بين العارضين والجمهور، حيث حرصنا على جلب عارضين جيدين ومتخصصين في مجال أدب الطفل، فالكتب كانت ذات جودة عالية وهي نفسها التي أقبل عليها الجمهور.
س: فكيف تفسيرين هذا الحجم من الإقبال؟ هل كان هنالك اتفاق وتنسيق مع بعض مدارس الدار البيضاء لدعوتهم أم كان حضورهم تلقائيا؟
ج: حاولنا في البداية الدعاية والترويج لاستقطاب الزوار في إطار التغطية الإعلامية لهذا الحدث قبيل انطلاقه، وهي حملة إعلامية تواصلية سواء عبر الموقع الالكتروني او شبكات التواصل الاجتماعي، حيت حاولنا التعريف به من خلالها، ولم يكن ذلك سهلا، لأنها التجربة الأولى من نوعها وطنيا. كما أن فكرة رسّخت في الأذهان، مفادها وجود معرض وحيد للكتاب، ولم يسبق للناس أن كانوا على علم بوجود معرض كتاب خاص بالطفل والشباب، بل كانت المرة الأولى التي تعرفوا فيها على الفرق بين المعرضين الدوليين، العام والخاص، كما أن أول شريك كان لنا هو وزارة التربية الوطنية التي حسنناها بأهمية هذا الورش الذي تطلب مساهمتها التواصلية، مشكورة على انخراطها ممثلة في مجموعة من الاكاديميات.
س: نجاح مشروع معرض خاص بكتاب الطفل والشباب يحيلنا على سؤال اخر، هل هناك تفكير في إنشاء معارض أخرى جهوية مستقبلا؟
ج: تشتغل الوزارة باستراتيجية تقوم على دعم وترويج الكتاب، ومواكبة المبدعين. ولتحقيق هدف تقريب الكتاب من القارئ، لابد من الحلقة الأخيرة لتحقيق هذا الهدف وهي حلقة العرض ممثلة في معارض الكتاب. لقد كان لنا في السابق معرض دولي واحد، والان أصبحنا نتوفر على معرضين. إلى جانب ذلك لم ننس المعارض الجهوية في جميع جهات أقاليم المملكة، وهي معارض لها تاريخ، فبعضها تجاوز 15 سنة من الوجود، وهي تعرف إقبالا كبيرا وبرمجة ثقافية مكثفة، ويبذل فيها مجهود كبير، ويشارك فيها الناشرين المغاربة بكثافة. فالمغرب الان يمتلك خريطة للمعارض، الدولية والجهوية، الى جانب الحضور المغربي الدائم في المعارض الدولي خارج أرض الوطن.
س: لاحظنا حضور نجوم الصور المتحركة، “مارفل” الامريكية، لمدة خمسة أيام، كيف استعطتم جلب هؤلاء النجوم إلى المعرض؟
ج: الكتاب الموجه للطفل والشباب مبني أساسا على الرسم. ونجوم مارفل الذين حضروا المعرض متخصصون في هذا المجال، وكان من الضروري محاولة احضارهم، لأنهم بمثابة حلقة وصل بين المعرض والشباب المهتم بالرسم، حيث أتاحوا للشباب والأطفال ورشات تكوينية يفسرون من خلالها كيفيات ومراحل إنجاز القصص المصورة، من كتابة للنص ورسم واختيار للألوان، وقد أبان لنا مبدعو “مارفل” الجهد الكبير المبذول في القصص المصورة قبل أن تخرج للوجود.
س: كمديرة للكتاب واستنادا لطموح الذي عبر عليه السيد وزير الشباب والثقافة والشباب المتمثل في الوصول لهدف أساسي هو التشجيع على القراءة، هل تمكنتم من خلال المعرض من تحقيق هذا الهدف؟
ج: هذا هدف كبير، الوزارة لوحدها لا يمكنها تحمل مسؤولية تحقيقه، فالتشجيع على القراءة مسؤولية مشتركة بين المعلم والأسرة، ثم الوزارة التي تحاول المساعدة وتقوم بدورها في الترويج للكتاب والقيام بأنشطة ومعارض.
المعرض الحالي تمكن بشكل أو باخر في تبليغ هذ الرسالة، لكن وإلى جانب ذلك، على الأسر والأطر التعليمية الانخراط في مجهود تحسيسي وتوعوي بأهمية القراءة، فهذا مجهود جماعي.
الطفل الذي يزور المعرض قد يشتري كتابا ويذهب به إلى منزله، لكنه قد يكتفي بتصفح الكتاب إن لم يكن له شغف بالقراءة. أتمنى ان يقرأ كل طفل الكتب التي اقتناها، ولن يتمكن من ذلك إلا عن طريق انخراط جميع المكونات في بذل مجهود جماعي لنخلق الجو المناسب ونذكي في الطفل حس القراءة وشغف اختيار الكتاب الملائم لذوقه ومتطلباته. علينا جميعا أن نكثف الجهود، خاصة في خضم منافسة المحتوى الرقمي لتوطيد العلاقة بين الطفل والكتاب.
س: هل الثورة الرقمية تهدد الكتاب؟
ج: لا شك في ذلك. نلمس هذا التهديد من خلال هيمنة الهواتف والحوامل الالكترونية، وهو أمر أضحى واقعا علينا التكيف معه وإيجاد السبل الكفيلة لتحبيب الطفل في كل ما هو ورقي كالكتاب. بالموازاة، علينا التأقلم مع السيطرة الرقمية، وقد واكب المعرض هذه المسألة من خلال إتاحة بعض الكتب الرقمية والمسموعة، كما حاولنا ان نتأقلم ومتطلبات الأطفال والشباب وأذواقهم الجديدة، لأن التطور التكنولوجي يشكل خطرا مستمرا على مستقبل الكتاب.
- ندوات
#ffd3dd
تميزت ندواة “الحكاية الشعبية في أدب الطفل بين التوظيف والتلقي” التي شهدها المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب، الاثنين 20 نونبر 2023، بحضور أسماء وازنة في عالم البحث في الحكاية الشعبية المغربية والعالمية. وتولى تسيير الندوة الأستاذ والكاتب أحمد زنيبر، والذي أدار النقاش إلى جانب المشاركين، للجواب عن سؤال “كيف يمكن للكتاب والمؤلفين إنتاج نصوص حكائية جذابة تمرر رسائل إيجابية، وتوجه نحو سلوكيات سليمة، وتشجع علــى القراء وتطور مهارات الفهـم القرائي لدى الطفل؟
تراجع مكانة الحكاية الشعبية
“الحكاية الشعبية مدخل ينبش في ذاكرتنا الطفولية المنبثقة من الماضي، باعتباره مجموعة من العادات والتقاليد التي قيلت في زمن ما وتوارثت بين الأجيال”، يقول الأستاذ والباحث في مجال الحكاية الشعبية، محمد فخر الدين، معرفا الحكاية الشعبية ومشيرا إلى أن الأصل الدائم في الحكاية الشعبية شفهي بحت، كما أنها إبداع حكي سردي بسيط بلغة قريبة من الجمهور، وقادرة على ترسيخ الأحداث وتربية الفئات الناشئة، وغالبا ما يشارك الجمهور في صياغة الحكاية وتوجيهها، كما أنها فن لا ينسب لمؤلفه.
أما عن العلاقة بين الحكاية الشعبية وكتاب الطفل، فالحكاية الشعبية بناء وتوظيفا تلتصق بأدب الطفل، وذلك على عدة مستويات. فمجموعة من الكتب المدرسية تدخل في برنامجها الحكاية الشعبية لدورها الهام في تبليغ رسائل حاملة لقيم اجتماعية والفنية، فدور الحكاية يتجاوز مفهوم التسلية إلى تمرير القيم الاجتماعية لضمان تلاحم المجتمع.
“إذا كان الحلم فرديا فالحكاية تعتبر حلما اجتماعيا”، يوضح المتحدث، معتبرا أن الحكاية الشعبية نتاج جماعي يشارك في تركيبها المجتمع بمختلف شرائحه، حاملة في طياتها رموز الثقافة المغربية ممثلة في التاريخ والتقاليد والعادات، مع توظيف التراث اللامادي المتداول على المستوى الاجتماعي.
وشدد فخر الدين، على ضرورة حماية الحكاية الشعبية لأنها تنقرض باستمرار، و”أنصح بتوظيف أشكال الحكاية المناسبة تراعي حاجات الطفولة على شكل كتب تساهم في توثيق هذا التراث اللامادي”. فتوظيف الحكاية في الكتاب المدرسي للطفل شيء أساسي، غير أن كتابة الحكاية للطفل أصعب من كتابتها للراشدين، لأن كل طفل يبحث عن حكاية خاصة به وأحلامه والكاتب ينبغي ان يراعي هذه الأمور.
وذكر المتحدث للحضور بعض الطقوس المختلفة لرواية الحكاية الشعبية وإلقاءها، وأبرزها منع السرد ليلا بدعوى أنه من يحكي نهارا قد يتعرض لمخاطر معينة، وهذا طقس مشترك بين عدة دول له وليس مغربيا فقط. غير أن للحكاية المغربية مواصفات خاصة تنفرد بها، كأن الحاكي يكتسب سمعة مرموقة بين الناس والأهالي، تحتفي به بعد نهاية كل حكاية، والحكواتي في المغرب دائما ما تكون الجدة، كما أن هنالك بداية ونهاية ملازمتان لكل حكاية.
وللحكاية الشعبية مميزات وفوائد لخص بعضها الأستاذ في كونها تلعب دور المعالج النفسي للطفل، حكاية قبل النوم على سبيل المثال، تعمل كعلاج للقلق وأنواع المخاوف التي يعاني منها الطفل، وهي “نوع من الدواء في عالم يتميز بالسرعة والاختلاف”، تساعد الطفل وتحثه على البحث عن المسار الطبيعي لحياته.
وتحسر المتحدث عن تراجع مكانة الحكاية الشعبية عند الجيل الحالي ويرجع السبب للتحولات الاجتماعية والديمغرافية الحاصلة في المجتمع الحديث، ويقول فخر الدين: “تركنا الأطفال بدون هذا الزاد السردي، والسبب هو غياب الجدة رائدة الحكي في البيوت المغربية مع غياب الاسر الممتدة وتقليصها لتصبح نووية”.
فسر فخر الدين، علاقة الحكاية الشعبية بالأمثال الشعبية والأحجيات، موضحا أن الحكاية تأتي لتشرح مثلا شعبيا أو أحجية. وفي هذا الصدد، انطلق محمد فخر الدين من حكاية شعبية تروي قصة ماء يغلي، وقال: “الماء حينما يكون فوق النار يتحسر على نفسه حينما يتذكر المسار الذي قطعه، من شتاء ماطرة تروي شجرة حطبها يغلي الماء الذي ارتوت منه. ونستنج من الحكاية حكمة أنه لا يكون جزاء الإحسان دائما سوى الإحسان، فالعود الذي أسقيت منه اكتوت. من هذه الحكاية نبحث عن الجانب المنطقي في المسألة: من ماء ماطر الى شجرة الى الفحم الذي يغلي الماء، هي في الأخير سيناريوهات وجودية يستفيد منها في المستقبل.”
الحكاية الأمازيغية الموجهة للأطفال
أوضح محمد أكناض، الأستاذ المتقاعد والباحث والناشط الجمعوي، أن الحكاية الشعبية الأمازيغية تعد من أعرق الحكايات الشعبية العالمية وأوفرها، والسبب راجع حسب المتحدث لموقع المغرب الاستراتيجي في العالم الذي مكنه من الاحتكاك بحضارات مختلفة. ويقول “الحكاية الشعبية الأمازيغية جاءت نتاج احتكاك مغربي تارة سلس وتارة عنيف بين الحضارة الامازيغية وباقي الحضارات”، هذا التلاقح الثقافي مع مختلف الدول ألهم على حد قول المتدخل، مخيلاتهم ليبدعوا فنون شفاهية متنوعة.
وأوضح الأستاذ أكناض أن الانسان الأمازيغي اشتغل بالحكي والسرد منذ زمن بعيد، في كل من المغرب وليبيا ومصر. على سبيل المثال “حكاية كيسيس” التي وجدت موثقة في الإسكندرية من قبل الامبراطور اليوناني الذي جعل منها قصصا وحكايات، ذاكرا أن الميثولوجيا الاغريقية ترجمت مجموعة من الحكايات الأمازيغية إلى الإغريقية، كحكاية الأسد الحقود التي اشتهرت في عهد الملك يوبا الثاني.
وأضاف المتحدث أن لكل زمن حكايته الشعبية، “فالرواة يحكون حسبما ما يلائم الظروف وملابسات زمنهم. ولكون الحكايات تختزن بعض الإشارات والرموز التاريخية القديمة. فحكاية عهد ما قبل الإسلام بالمغرب تختلف كثيرا عن حكايات ما بعد الإسلام، حيث “تمت أسلمة الحكايات المنافية لتعاليم الدين واستبدال الآلهة بالرجال الصالحين وأولياء الله، من بين هذه الحكايات حكاية “بسيشي” التي تروي قصة الفتاة التي تزوجها إله. فبعد دخول الإسلام للمغرب واعتناقه كديانة، أصبحت للحكاية صيغة أخرى جديدة تتوافق وتعاليم الدين الإسلامي، واستبدل الاله برجل صالح من الأطلس المتوسط”.
وقدم محمد أكناض بعض فوائد الحكاية بالنسبة للطفل، من بينها الحكايات التي تتحول إلى أناشيد، وتساعد على تهدئة الطفل لينام وتطبطب عليه إذا كان مزاجه متقلبا. “الحكاية الشعبية بالمغرب خلال الثمانينات كانت تصاحب الطفل في لحظات متميزة كالختان والحلاقة، وذلك للتهدئة من روعه، وهذه تقاليد فقدناها مع تطور التكنولوجيات فاستبدلت الحكاية بالهواتف”، الحكاية الشعبية الحاملة للقيم الأخلاقية والتربية كالانتصار للخير ضد الشر، والعدل ضد الظلم، والقبح ضد الجمال. ودعا أكناض في نهاية مداخلته، إلى الرفع من مكانة الحكاية الأمازيغية في أدب الطفل بالمغرب خاصة أن “ستين حكاية شعبية موظفة في الكتب المدرسية ليس من بينها واحدة أمازيغية”.
إعادة الاعتبار لكتاب الطفل
قال الأستاذ والكاتب في مجال الحكاية الشعبية أحمد الغرباوي في مداخلة بعنوان “توظيف الحكاية رؤية واستشراف”، “إن الحكاية الشعبية نمط سردي رحّال بين الحضارات، وخزان ثقافة محُمل بالقيم الجمعية، وخلاصة تجارب خاصة بالأجيال السابقة”. وأشار الأستاذ في مداخلته إلى أهمية الكتابة للطفل بوصفها أدبا مساهما في تربيته وتوجيهه، مؤكدا أنه و”مهما كانت مكونات الكتابة للطفل إبداعية وفنية، إلا أن في قلبها مكونات ذات طابع إقناعي تحسيسي. فالحكاية الشعبية في كتاب الطفل أدب هادف ومؤمن بقضية إنسانية تشبع وعي وإحساس الطفل وتطور تشكيله النفسي”.
وأوضح الغرباوي أن للحكاية الشعبية في أدب الطفل سمات معينة كالإثارة والخصوصية، وهذه الاخيرة تتجلى في مبدأ التكييف الموضوعي الذي يحول الحكاية بكل خصائصها لتصبح حكاية قابلة لان يتلقاها الطفل. وقال الغرباوي في هذا الصدد، إن هناك تراجع ملحوظ في كتابة الحكاية الشعبية في أدب الطفل، و”السبب يعود أساسا إلى تدني قيمة الكاتب. ونطالب من هذا المنبر بإعادة القيمة الاعتبارية والمادية لكُتّاب الطفل، وان يحظى هو الاخر بالمتابعة الاعلامية”، مشيرا إلى أن مبادرة تنظيم المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب، لبنة أولى في إعادة الاعتبار لكُتّاب الطفل.
الصورة تنقل رسائل إيجابية
قالت زينب السباعي الإدريسي، أستاذة باحثة في مجال الحكاية الشعبية ورئيسة مجمع “الخارقون”، في تصريح للصحافة، إن المجمّع يشتغل مع شباب من مختلف الأعمار، أصغرهم 18 سنة، “على التجسيد البصري في الفن التاسع أو فن الأشرطة المرسومة، أي أننا نعمل على تحويل الحكي الشفاهي لصور تعبيرية تعبر عن الثقافة المغربية الأصيلة، ونجد صعوبة في التكييف البصري للحكايات الشعبية الضاربة في التاريخ، لآننا ملزمين كرسامين ومصممي كرافيك على إنتاج صور يجد من خلالها كل المغاربة أنفسهم، وتنقلهم عبر الذاكرة لأحداث طفولتهم”.
وأشارت المتحدثة إلى أن القصص المصورة التي تنتجها تترجم القيمة الثقافية لمكون الصورة، كوسيط يساعد على تمرير رسائل سيمائية إيجابية غير مباشرة، فـ”الطفل يفضل دائما أن يتلقى المعلومة بطرق غير تقليدية ولا مباشرة، لمعتاد على تلقيها، فيكون للرسائل المشفرة غير المباشرة تأثير أقوى من تلك المباشرة”. ونبهت المتحدثة إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أذواق الطفل في الصور، وكذا أعمارهم لأنه ” ليست كل حكاية مناسبة وصالحة لكل طفل”.